بعد مرور 19 شهراً على هجمات 7 أكتوبر وحرب غزة، تواجه إسرائيل موجة جديدة من الضغوط الدولية، وتبدو أكثر عزلة عن شركائها وحلفائها. أعلنت حكومة بنيامين نتنياهو نيتها إعادة احتلال غزة مجدداً، بحسب تقرير نشرته صحيفة الجارديان، واستدعت قوات الاحتياط. في الوقت ذاته، واصل المستوطنون توسيع وجودهم في الضفة الغربية، وازدادت أعمال العنف هناك. أوقفت إسرائيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة لمدة شهرين، ما أدى إلى تفشي الجوع وسوء الأوضاع.

أصدرت بريطانيا وفرنسا وكندا بياناً مشتركاً انتقد بشدة الحرب الإسرائيلية. أعلن وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، تعليق محادثات التجارة مع إسرائيل وفرض عقوبات على المستوطنين والمنظمات المتورطة في عنف الضفة.

دعت وزيرة خارجية هولندا إلى مراجعة اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وتحرك عدد من دول الاتحاد نحو احتمال فرض عقوبات.

وصف رئيس وزراء إسبانيا إسرائيل بأنها "دولة إبادة جماعية". حتى إدارة ترامب، المؤيدة تقليدياً لإسرائيل، بدأت تبتعد عن حكومة نتنياهو، إذ تجنب ترامب زيارة إسرائيل خلال جولته، وأجّل نائب الرئيس، جي دي فانس، زيارته إليها.

ازدادت الإدانات الدولية، مما يعكس تحولاً في المواقف العالمية. لكن هذه الانتقادات لن تؤدي إلى تغيير حقيقي ما لم تواكبها خطوات أشد، مثل فرض مزيد من العقوبات، والاعتراف بدولة فلسطين، وتنسيق داخلي من المعارضة الإسرائيلية.

رغم تزايد الضغوط، لا يبدو أن حكومة نتنياهو اليمينية ستتراجع عن حملتها العسكرية وخططها التوسعية. يرى شركاؤه في اليمين أن الحرب تمنح فرصة لتوسيع السيطرة الإقليمية تحت غطاء الأمن القومي.

أما نتنياهو، الذي يسعى للبقاء في الحكم حتى عام 2026، فقد هاجم أوروبا وبريطانيا، وادعى أن إسرائيل تخوض معركة بين "الحضارة والهمجية".

في الداخل، تتصاعد المعارضة. أثار استمرار احتجاز الرهائن الإسرائيليين في غزة موجة احتجاجات، إذ طالب الأهالي وجماعات المجتمع المدني بتحرك فوري.

أظهرت استطلاعات الرأي أن 67% من الإسرائيليين يريدون إنهاء الحرب واستعادة الرهائن. أثار سعي نتنياهو لتمرير إصلاحات قضائية مثيرة للجدل احتجاجات جديدة، واعتُبر ذلك تهديداً للديمقراطية. محاولته

عزل رئيس الشاباك، رونين بار، أدت إلى تدخل المحكمة العليا، ما أظهر التوترات بين الحكومة والأجهزة الأمنية.

بدأ خصوم سياسيون مثل رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، وزعيم حزب الديمقراطيين يائير جولان، بكسب الدعم الشعبي، لكن إسقاط نتنياهو يتطلب معارضة موحدة ذات رؤية مستقبلية.

تلوح في الأفق فرصة دولية جديدة تتجاوز الخطاب.

تستعد الأمم المتحدة لاستضافة مؤتمر سعودي-فرنسي حول فلسطين الشهر المقبل في نيويورك، ويُتوقع أن يعيد تفعيل الجهود متعددة الأطراف للاعتراف بدولة فلسطين، ويؤسس لتنسيق دولي إزاء أزمة غزة.

اعترفت 148 دولة بالفعل بفلسطين، وقد تكون هذه مناسبة لدول أوروبية أخرى للحاق بها.

لمّحت فرنسا إلى احتمال إعلان اعترافها خلال المؤتمر، ويدرس البريطانيون الانضمام للموقف ذاته.

ربطت السعودية تطبيع علاقاتها مع إسرائيل باعتراف الأخيرة بدولة فلسطينية، وهو ما يجعل إنهاء الحرب ودمج إسرائيل إقليمياً بعيد المنال دون هذا الاعتراف.

تسعى الرياض إلى تأكيد دعمها لحل الدولتين عبر هذا المؤتمر، في وقت يتصاعد فيه الاستياء العالمي من الوضع القائم.

قد يمثل هذا الجهد نقلة دبلوماسية نحو الاعتراف بالحقوق الفلسطينية، ويدفع مجدداً نحو تسوية تفاوضية.

وختمت الجارديان: "تواجه إسرائيل لحظة حاسمة، وسط عزلة دولية واحتجاجات داخلية. لكن الإدانة وحدها لا تكفي لتغيير مسار حكومة نتنياهو.

ما يلزم الآن هو تحرك منسق واستراتيجي داخلي وخارجي يدفع باتجاه إنهاء الحرب، وفتح الطريق أمام العدالة والسلام والمحاسبة".

https://www.theguardian.com/commentisfree/2025/may/21/international-opinion-israel-netanyahu-gaza-war